مسؤول أممي: حرب غزة لم تنته وخاصة بالنسبة للنساء والفتيات الفلسطينيات
نشر بتاريخ: 2025/12/06 (آخر تحديث: 2025/12/06 الساعة: 19:07)

نيويورك - قال ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، نيستور أوموهانجي، إن وقف إطلاق النار كان ضروريا للغاية، لكنه ليس نهاية الحرب بالنسبة للنساء والفتيات، سواء جسديا أو عاطفيا أو اقتصاديا. وأضاف: “لا تزال معظم العائلات تعيش في ملاجئ مكتظة حيث يُهددها الجوع والمرض يوميا”.

وأشار أوموهانجي إلى أن زيارته لغزة كانت للاطلاع على أوضاع خدمات صحة وحماية الأم على الأرض، والاستماع إلى مقدمي الرعاية الصحية، والأخصائيين الاجتماعيين، والنساء والفتيات حول أولوياتهن في المساعدة الفورية والتعافي المستقبلي. وقال: “في الأيام الأخيرة، زرت مستشفى أصدقاء المريض في مدينة غزة، ومستشفى العودة في النصيرات، ومستشفى ناصر، ومركز الحلاوة الصحي المؤقت في خانيونس. كما التقيت نساء وفتيات في أماكن آمنة في خانيونس ودير البلح، وزرت مركزًا للشباب في النصيرات ومخيمات النازحين في خانيونس. استمعت إلى نساء وقابلات وعاملين صحيين وشركاء وأسر عانوا من معاناة تفوق ما يُطلب من أي شخص أن يتحمله”.

وأضاف أوموهانجي أن امرأة أخبرته في مكان آمن بدير البلح: “وقف إطلاق النار هو نَفَس. لكن لا يمكن للمرء أن يعيش بنَفَسٍ واحد”. وقال إن كلماتها تجسد الواقع في غزة: “شعب يحبس أنفاسه، عالق بين البقاء وعدم اليقين. السماء أكثر هدوءًا، لكن الصدمة لا تزال مُدوية. أكثر من 57 ألف أسرة في غزة تُعيلها نساء، والكثير منهن في وضع هش للغاية بلا دخل يُعيل أطفالهن”.

وأشار إلى أن الأمطار والفيضانات زادت من معاناة الناس. ففي أحد مخيمات النازحين، أرتني أم مكان تجمع المياه في خيمتها، وقالت: “هنا ينام طفلي. حملته طوال الليل كي لا يبتل ويبرد”.

وتابع أوموهانجي أن العائلات تصطف لساعات للحصول على الطعام والماء، ويطبخون على مواقد مفتوحة، ويغسلون في دلاء، وينامون تحت بطانيات رطبة. وأضاف: “لم يعد الناس يطلبون منازل أو تعليما أو طعاما مناسبا، بل يطلبون خيمة، أو مدفأة صغيرة، أو إضاءة. لقد انهارت توقعاتهم – إنها مدمرة كأي مبنى مُدمّر. من كانوا يطلبون منازل ومدارس، يطلبون الآن خيمة جافة، ومدفأة صغيرة، وإضاءة دائمة”.

النظام الصحي مُدمر

وقال المسؤول الأممي إن ثلث المرافق الصحية فقط تعمل جزئيًا، وجميعها تعاني من نقص الكوادر، ومُثقلة، وتفتقر إلى الإمدادات الأساسية. الأدوية شحيحة، ووحدات حديثي الولادة مكتظة، ومع ذلك يواصل الطاقم عمله رغم الخسائر البشرية الفادحة. وأضاف: “في جناح الولادة، أشار طبيب إلى حاضنة بها طفلان خدجان صغيران. كل المضاعفات تتفاقم الآن بسبب الخوف من انقطاع الكهرباء. إذا انقطعت الكهرباء مرة أخرى، لا أعرف ماذا سيحدث”.

وأكد أوموهانجي أن النظام الصحي ما زال صامدًا في غزة فقط لأن العاملين فيه يرفضون التخلي عنه. وقالت إحدى القابلات: “لقد فقدت أختي ومنزلي، لكن نساءً أخريات بحاجة إليّ. لا أستطيع التوقف. لم أتقاضَ راتبي منذ شهور”.

وأشار إلى أن إعادة بناء قطاع صحة الأم يتطلب إعادة بناء وتجهيز المرافق الصحية التي دُمرت، وضمان تدفق مستمر وموثوق للأدوية والإمدادات، وإعادة بناء القوى العاملة الصحية ومسارات الإحالة ليتمكن النساء من التنقل بأمان وتلقي الرعاية المنقذة للحياة. كما أشار إلى أهمية الاهتمام بخدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي، إذ يتزايد العنف ضد النساء في ملاجئ مكتظة، ويشكل خطرًا كبيرًا على الفتيات.

الشباب: فقدنا فصول المدرسة لكن لم نفقد المستقبل

وقال أوموهانجي إن الصدمة التي يواجهها شباب غزة ستؤثر على هذا الجيل، لكنه أبدى إعجابه بتصميمهم. وأضاف: “زرت مراكز الشباب حيث يتعلم الشباب مهارات جديدة ويُدربون الأطفال. أخبرني أحد المراهقين: فقدنا فصولنا الدراسية، لكننا لم نفقد مستقبلنا”. وأكد على ضرورة بناء مهارات الشباب في القيادة، والابتكار الرقمي، والسبل الخضراء للعيش، وريادة الأعمال، لتعزيز مساهمتهم في تعافي المجتمع، ودعم منظمات الشباب والمجموعات المجتمعية لتصميم وقيادة جهود التعافي المحلية.

تفرض نظام تأشيرات صارماً على موظفي الأمم المتحدة

وعن عدم سماح السلطات الإسرائيلية بإدخال قائمة طويلة من الاحتياجات الأساسية، قال: "بكوننا صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة سكانية ووكالة للصحة الجنسية والإنجابية، نرغب في تقديم مجموعة واسعة من خدمات الصحة الإنجابية، بما في ذلك الولادات الآمنة. ولكن لكي نُجري عمليات ولادة آمنة، نحتاج إلى معدات وأجهزة ولوازم، بعضها يسمح بإدخاله، والبعض الآخر الضروري لا يسمح، ومن ضمنها أجهزة الموجات فوق الصوتية، على سبيل المثال، إذ تُصنف على أنها معدات مزدوجة الاستخدام. ولا يوجد تعريف دولي أو حتى محلي (إسرائيلي) لذلك. وبعض هذه المعدات، حتى المقصّات مثلاً، قد تُمنع من الدخول لأنها تُعتبر استخدامًا مزدوجًا. وهناك عدد من هذه المعدات الضرورية جدًا للولادة لا يمكن إدخالها، وإذا لم تكن لديك مجموعة كاملة من المعدات، فإن خدمتك بالتأكيد ليست مكتملة".

استجابة صندوق الأمم المتحدة للسكان

وعن استجابة صندوق الأمم المتحدة للسكان، قال أوموهانجي إن الصندوق على مدار الأسابيع السبعة الماضية منذ وقف إطلاق النار، قدم خدمات الصحة الإنجابية، ولوازم الكرامة، والرعاية للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى 120 ألف امرأة وفتاة. وأضاف: “نوفر الأدوية للمستشفيات، ونرمم المراكز الصحية، ونعيد فتح الأماكن الآمنة، وندعم الفرق المتنقلة والعاملين في الخطوط الأمامية. يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان حاليًا 22 مرفقًا صحيًا، تشمل خمسة مستشفيات، و36 مكانًا آمنًا للنساء والفتيات، وملجأين، بالإضافة إلى تسعة مراكز للشباب. وفي عام 2026، نخطط لمضاعفة هذا العدد”.

وأوضح أوموهانجي أن المشكلة تكمن في وجود ثلاثة معابر فقط مفتوحة، لا تعمل في الوقت نفسه أبدًا، إلى جانب البيروقراطية المفروضة لجلب الإمدادات، ما يؤدي إلى تأخيرات كبيرة في التسليم. وقال: “نحتاج إلى وصول إنساني آمن ومستدام ومنتظم إلى جميع أنحاء غزة، وخاصة شمالها. بدون ذلك، لن يكتسب التعافي زخمًا. وقف إطلاق النار هو البداية، لكن لبناء أمل حقيقي، نحتاج إلى العمل، وهذا يتطلب الوصول والموارد اللازمة لمنح النساء وأسرهن الفرصة لإعادة بناء حياتهن المدمرة”.

واختتم أوموهانجي مؤتمره الصحافي بكلمات أم من خانيونس: “لا تدعونا ننجو لنعاني مجددا. فليكن لوقف إطلاق النار معنى”.