كيف يتحول الإرث التوراتي إلى محرك ميداني لاعتداءات المستوطنين في الضفة؟
نشر بتاريخ: 2025/12/06 (آخر تحديث: 2025/12/06 الساعة: 20:54)

تشهد الضفة الغربية موجة غير مسبوقة من اعتداءات المستوطنين، يربطها خبراء فلسطينيون بتحويل النصوص التوراتية إلى إطار مرجعي يسوِّغ التوسع الاستيطاني والعنف الميداني. ويبدو أن هذه الاعتداءات لم تعد مجرد حوادث منفردة، بل تمثل جزءًا من بنية تزداد تماسكا تجمع بين التوراة والسياسة والأمن.

ويذهب مراقبون إلى أن استدعاء الموروث التناخي (العقائدي) في الخطاب السياسي الإسرائيلي، وتمدد التيار القومي–الديني داخل مؤسسات كيان الاحتلال، أسهما في تحويل بعض النصوص التوراتية إلى "مشروعية رمزية" لدى قطاعات من المستوطنين، تُسقط القصص الدينية القديمة على واقع الضفة الغربية المعاصر.

هذا التحويل من خطاب ديني إلى ممارسة ميدانية ترافق مع تصاعد حاد في الاعتداءات.

فخلال أكتوبر/2025 وحده وثق مركز معلومات فلسطين "معطى" 6870 انتهاكا، نتج عنها 14 شهيدا و301 مصاب، مما جعل الشهر واحدا من أكثر الأشهر دموية خلال العامين الأخيرين.

أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فقد سجل الشهر الماضي 264 اعتداء للمستوطنين بمعدل 8 اعتداءات يوميا، وهي أعلى حصيلة شهرية منذ بدء التوثيق عام 2006.

وقال المتحدث باسم تيار  الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، ديمتري دلياني، إن "المشروع الصهيوني منذ نشأته ارتبط بتصور ديني سياسي يشرعن التوسع الاستيطاني"، وإن الاستناد إلى نصوص دينية يلعب دورا محوريا في تقديم العنف كفعل مشروع.

وأضاف، أن الاعتداءات اليومية ليست مجرد انفلات أمني، بل ترجمة مباشرة لبنية فكرية تدمج بين العقيدة الدينية والاستعمار الإحلالي، مشيرا إلى أن المستوطنين يتحركون أحيانا باعتبار الهجمات واجبا دينيا وسياسيا في آن.

وأشار دلياني أيضا إلى، أن التحالف المتنامي بين مؤسسات دينية وأحزاب يمينية في إسرائيل صنع مظلة حماية سياسية وأمنية للمستوطنين، وأن غياب المساءلة القانونية يشجع على تصاعد العنف.

كما سلط الضوء على خطابات رسمية يستخدم فيها قادة سياسيون نصوصا توراتية بصورة مباشرة، مثل خطاب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في أكتوبر 2023 الذي تضمن عبارة "اذكر ما فعله بك عماليق"، معتبرا أن هذا الاستدعاء "يخلق شرعية دينية للعنف".

وكشف المتحدث باسم تيار  الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، أن بعض مؤسسات الحاخامية العسكرية تلعب دورا إضافيا في تعزيز هذا التوجه، مشيرا إلى فتاوى تنسب لرجال دين مثل الحاخام إيليا مالي، دعا فيها إلى استخدام القوة المفرطة في غزة والضفة، ما يوفر غطاء دينيا للممارسات الميدانية.