اليوم السبت 11 مايو 2024م
طائرات الاحتلال تنفذ غارة جديدة على حي الزيتون شرق مدينة غزةالكوفية فيديو | الاحتلال يقتحم قرية جلبون شرق مدينة جنينالكوفية مراسلنا: قوات الاحتلال تقتحم قرية جلبون شرق مدينة جنينالكوفية مراسلنا: ارتفاع عدد شهداء قصف الاحتلال منزلا لعائلة الخطيب الذي يؤوي نازحين إلى 10الكوفية تفعيل صافرات الإنذار في جنين ومخيمها بعد اقتحام الاحتلال للمدينةالكوفية بث مباشر|| تطورات اليوم الـ218 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا على مدخل مخيم الجلزون شمال رام اللهالكوفية طائرات الاحتلال الحربية تجدد غاراتها العنيفة على حي الجنينة شرقي مدينة رفح جنوب القطاعالكوفية فيديوهات | 10 شهداء جلهم من الأطفال جراء مجزرة الاحتلال بحق عائلة الخطيب وسط القطاعالكوفية 8 شهداء جلهم من الأطفال جراء مجزرة الاحتلال بحق عائلة الخطيب في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزةالكوفية استشهاد الصحفي بهاء عكاشة وزوجته وابنه جراء قصف الاحتلال لمنزله في مخيم جباليا شمال قطاع غزةالكوفية طائرات الاحتلال تقصف منزلا لعائلة الخطيب في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزةالكوفية مستوطنون يحرقون أشجار زيتون ومحاصيل زراعية في قرية المغير شرق رام اللهالكوفية مراسلنا: مدفعية الاحتلال تقصف وسط وشرق مدينة رفح جنوب قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم قرية قوصين غرب نابلسالكوفية شهيد ومصابون جراء قصف الاحتلال شقة سكنية قرب مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزةالكوفية طائرات الاحتلال تشن غارة جديدة على بيت لاهيا شمال قطاع غزةالكوفية آليات الاحتلال تطلق نيرانها بكثافة شرقي مدينة رفحالكوفية طائرات الاحتلال تقصف 3 منازل لعائلات المصري وعلي والقبط في بيت لاهيا شمال قطاع غزةالكوفية نقابة الصحفيين تؤكد استمرار جهودها لمحاكمة قتلة شيرين أبو عاقلةالكوفية

سياسة الإهمال الطبي الإسرائيلية المتعمدة بحق الأسرى

12:12 - 07 ديسمبر - 2021
حمادة درامنة
الكوفية:

إن الجزء الأكبر من الانتهاكات التي تمارسها “إدارة مصلحة السجون” بحق الأسرى، تتمثّل في الإهمال الطبّي ‏المتعمّد، بل يسوء الأمر لدرجة السماح لبعض شركات الأدوية الإسرائيلية بإجراء اختبارات الأدوية التي ‏يُصَنّعونها على الأسرى قبل استهلاكها محلّياً. يعد ذلك الأمر انتهاكاً لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، ‏خاصةً اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب. لقد نصت المادتين 12 و13 من الاتفاقية على ‏ضرورة معاملة الدولة الحاجزة لأسرى الحرب معاملةً إنسانيةً، ويُحْظَر عليها أيّ إهمالٍ، ولا يجوز تعريض أيّ ‏أسيرٍ للتشويه البدني أو التجارب الطبّية أو العلميّة من أيّ نوع، ممّا لا تُبَرِّرُهُ المعالجة الطبّية للأسير.‏

في ذات السياق نصّت المواد 29 و30 و31 في الاتفاقية ذاتها، على ضرورة تَوَفُّر مَرافِق مُسْتَوفَية الشروط ‏الصحية لأسرى الحرب، وتوفُّر عيادةٍ طبيةٍ مناسبةٍ في كل سجن يحصل فيها الأسرى على ما يحتاجونه من ‏رعاية. يضاف إلى ذلك عدم جواز منْعُ الأسرى من عرض أنفسهم على السلطات الطبّية لفحْصِهم، وحقّ ‏كل أسيرٍ إجراء فحصٍ طبّيٍّ شاملٍ شهرياً، وهو ما تتعمّد “مصلحة السجون” عدم توفيرِهِ للأسرى داخل ‏‏”السجون الإسرائيلية”.‏

للوقوف على أوضاع الأسرى المرضية داخل “السجون الإسرائيلية”، والمعاملة التي يتلقّونها، أجريتُ مقابلةٍ ‏مع أحد الأسرى داخل سجون الاحتلال، ممَّنْ تطوَّعوا للإقامة فيما يُسَمَّى “عيادة سجن الرملة”، ‏لمساعدة الأسرى المرضى داخلها على القيام ببعض الأمور اليومية، مثل الأكل، وتبديل الملابس، والنظافة. ‏إنه الأسير محمد رفيق أبو عليا من قرية المغير قضاء رام الله. تطوّع أبو عليا لخدمة الأسرى في ‏‏”عيادة سجن الرملة” عام 2016، لمدة 6 أشهر. يُعَدّ “سجن الرملة” بمثابة مجمع يحتوي عدّة “سجون” ‏أغلبها سجون مدنية، سوى القسم الخاص بالأسرى المرضى، وهو مكوَّنٌ من 4 غرف، ليس بها مساحة ‏للحركة، أو التنفُّس، أو المَرافق الصحيّة الملائمة لأوضاع الأسرى وأمراضهم.‏

التقى أبو عليا في “عيادة سجن الرملة” بالشهيد بسّام السائح من سكّان نابلس. كان الشهيد السائح مصاباً ‏بمرض اللوكيميا (سرطان الدم) وسرطاني العظام والرئة، ما أفقَدَهُ صوتَهُ، وكان “أطباء مصلحة السجون” ‏يرفضون تقديم أيّ مساعدةٍ طبيةٍ له، وبسبب حجَجِهم الطبّية وصَلَ مرضُهُ لمرحلةٍ حرِجَةٍ، فُقِدَ معها أمل ‏الشفاء، وتمّ الاكتفاء بمسكّنات الألم (الأكامول).
يُذكَر أن “السائح” كان قبل اعتقاله قد وصل لمرحلةٍ جيدةٍ ‏في علاجه، فقد كان يتلقى العلاج قبل الاعتقال بمستشفى الحسين للسرطان في الأردن، وتمّ اعتقاله أثناء ‏عودته من هناك.‏

يضيف أبو عليا، أن السائح أثناء فترة تواجده بجانبه ذَكَرَ له يوماً أن ضابط “المخابرات الإسرائيلية” -‏الشاباك- الذي كان يحقّق معه أبلغَهُ حرفيّاً “سوف نتركك تموت داخل “السجن”، ولن نقدِّمَ لك العلاج، وذلك ‏قبل النطق بالحكم عليك”. لقد كانت هذه إشارة من الشاباك بالحكم على السائح بالتصفيّة عن طريق ترْكِهِ ‏لمرَضِهِ وعدم تقديم العلاج له، ما يشكّل مخالفةً واضحةً للقوانين الدولية، وحقوق الإنسان.‏

الجدير بالذكر، أن السائح استُشْهِدَ في “عيادة سجن الرملة” بعد صراعٍ مع مرَضِهِ، ودون تقديم أيّ علاجٍ ‏يُذكَر، وقبل النطق بالحكم عليه، حتى أنه لم تُسَجّل لدى أيّ جهة حقوقية، أو حتى جهة تتبع “مصلحة ‏السجون”، حركةُ نقلٍ للسائح إلى أي مستشفى متخصّص في علاج مرضِهِ. يعني ذلك أن الشهيد السائح ‏ظلَّ داخل أسوار “سجن الرملة” في زنزانته، يصارع مرضَهُ حتى قضى نحبَهُ شهيداً وشاهداً على جرائم ‏الاحتلال بحقّ الأسرى، وما زال جثمانُهُ الطاهر، محتجزاً في ثلاجات الموتى، يرفض الاحتلال تسليمه ‏لذويه، ليُدفنَ حسب الشرائع السماوية.‏

يوجد في “عيادة سجن الرملة” وتحت أقبيته نحو 20 أسيرا يُعانون أمراضاً مزمنةً، وآخرون فقدوا بعض ‏أطرافهم لحظة الاعتقال بعد الاعتداء عليهم، وآخرون فقدوا جزءاً من أعضائهم بسبب أخطاء طبّيّة وإهمالٍ ‏متعمَّد. حدث ذلك مع الأسير إسماعيل عارف عودة من سكّان دير عمار قضاء رام الله، فقد استؤصلت ‏كليَتِه اليُسْرَى نتيجة تقصير “إدارة السجون” في علاجه في الوقت المناسب، وهو ما زال يعاني من إهمال ‏متابعةَ وضْعِهِ الصحيّ بعد عملية الاستئصال، ما يُشَكِّل خطراً حقيقيّاً على حياته.‏

يوجد أيضاً في “عيادة سجن الرملة” أسرى يرقدون على الأسِرَّة منذ عشرات السنين يُصارعون أمراضهم ‏بمفردهم، ويعيشون على المسكّنات والحبوب المنوِّمَة دون تقديم أيّ مساعدة لهم. يحدث ذلك منذ سنوات ‏طويلة مع الأسير منصور موقده، من سكّان الساوية، وهو يُعاني شللاً كاملاً، ولا يستطيع الحركة إلا عن ‏طريق المساعدة التي يتلقّاها من الأسرى الذين يتطوّعون لمساعدته في قضاء حاجته وتبديل ملابسه وتقديم ‏الطعام له. “موقده” معتقلٌ منذ عام 2001، ومحكومٌ عليه بالسجن المؤبد، وهو واحدٌ من المتواجدين في ‏‏”عيادة سجن الرملة”، وترفض “مصلحة السجون” حتى الآن السماح بتقديم أيّ مساعدةٍ طبيةٍ له من ‏الخارج، أو عن طريقهم.‏

يتواجد كذلك داخل “عيادة سجن الرملة” الأسير خالد الشاويش من جنين. أصيب الشاويش برصاص ‏الاحتلال عام 2001، وتعرض للشلل، ثم اعتقله الاحتلال عام 2007، وحكم عليه بالمؤبدات. يقبع ‏الشاويش في “عيادة سجن الرملة” في ظل ظروف صحية قاسية للغاية، وهو يتجرع الأوجاع بشكل مستمر ‏نتيجة الإهمال الطبي الذي يتعرض له.‏

يتجاوز مسلسل الإجراءات القمعية سياسةَ الإهمال الطبّي ليصِلَ إلى ابتزاز الأسرى بمساومتهم، إمّا البقاء ‏داخل السجون والموت فيها، أو التوقيع على تعهُّداتٍ تُخلي مسؤولية الاحتلال عن الإصابات التي تعرّضوا ‏لها أثناء الاعتقال أو حتى داخل السجون، وهو ما حدث مع الأسير المحرَّر حسن القاضي من سكّان ‏عورتا-نابلس. تعرض القاضي لسياسة الابتزاز أثناء تواجده في “أقبية عيادة سجن الرملة”، وقد روى قصة ‏إصابته للأسير أبو عليا عند التقائهما في “عيادة سجن الرملة”، لتكون قصته شهادةً دامغةً على سياسة ‏الإهمال الطبّي وجرائم الاحتلال.‏

يقول أبو عليا إنَّ القاضي وصل “عيادة سجن الرملة” بعد إصابته في قدميه بعدة أعيرة نارية على أحد ‏الحواجز العسكرية القريبة من مدينة نابلس، ما أفقَدَهُ القدرة على الحركة. تذرع جنود الاحتلال وقتها أن ‏القاضي مشتبه بحيازته سكّيناً أثناء مروره على الحاجز. بالطبع كانت تلك التهمة ملفقة، وقد اكتشف ‏المحققون أنه لم يكن بحوزتِهِ أيّ سلاحٍ وقتَها؛ فتمّ ابتزازُهُ ومساومته، إمّا البقاء داخل “السجون” بإصابته، ‏وتوجيه تهمة الشروع في القتل إليه، أو أن يوقع على مستندات تُخلي مسؤولية الاحتلال عن إصابته ويُفرَج ‏عنه.‏

كان “القاضي” قبل الإفراج عنه قد مكث في “عيادة سجن الرملة” 5 أشهر إثر الإصابة التي تعرّض لها، وقد ‏عانى خلال هذه الفترة من عدم القدرة على الحركة، بسبب تعمُّد “مصلحة السجون” عدم تقديم العلاج اللازم ‏له، وذلك لإرغامِهِ على قبول صفقة إخلاء مسؤولية الاحتلال عن إصابته. يذكر أبو عليا بهذا الخصوص ‏ملاحظته بعد فترةٍ من دخول القاضي “عيادة السجن” أنه يقضي معظم أوقاته نائماً، ليكتشف لاحقاً أن ‏الحبوب التي يقدّمها له الممرض الخاصّ بالعيادة، ليست علاجية، بل هي حبوب منوِّمَة، يرافقها ظهور ‏الخمول والإرهاق المستمرَّيْن على “القاضي”. قرّر وقتها أبو عليا الامتناع عن تقديم تلك الحبوب للقاضي، ‏دون علم الممرِّض، الأمر الذي لاحَظَهُ الممرّض بعد فترةٍ، فأصبح هو من يقدم هذه الحبوب للقاضي.‏

يكثر في السجون، وتحديداً في “عيادة سجن الرملة”، استعمال مثل هذه الحبوب المنوِّمَة والتي يستخدمها ‏عادةً ممرضو “السجون”، بهدف إزالة عبء متابعة المريض، والتأكد أنّ المريض نائمٌ، وأنه لن يستدعيهم، ‏وبهذا يُريحُ الممرّض نفسَهُ أثناء مناوبته. نود هنا التنويه للقارئ أن الممرض في “السجن” يعمل في ‏وظيفتين؛ فتارةً يكون شرطيّاً يقمع، وتارة يلبس ملابس الممرِّض.‏

يتذكّر أبو عليا كذلك الأسيرَ عمر الريماوي، مِن بيت ريما، والذي دخل “عيادة سجن الرملة” عام 2016، ‏عندما أصيب بعيارٍ في العمود الفقري، وكان عمره وقتها 15 عاماً، وقد أبلغه “أطباء السجن” باستحالة ‏عودته للوقوف على قدميه. توقف الريماوي عن الالتزام بأدويته المخدرة بإرادة قوية، واستمر في مساعدة ‏نفسه على الوقوف، حتى استطاع ذلك أخيراً، دون مساعدةٍ طبيةٍ تُذْكَر، وقد صدم ذلك الأمر “أطباء ‏السجن”.‏

إن الأسرى المرضى المتواجدين في أقبية “السجون” عموماً يُعانون أوضاعاً صحيةً خطيرةً، وبالإضافة لمن ‏ذكرناهم، يوجد عددٌ آخر في حالةٍ حرِجَةٍ، لافتقارهم أبسط مقوّمات الحياة الآدمية. إن إعدام الأسرى عن ‏طريق الإهمال الطبّي المتعمّد جريمةٌ مستمرة، وهي تُضاف إلى سجل الممارسات الإجرامية التي تنتهجها ‏سلطات الاحتلال بحق شعبنا الفلسطينيّ.‏

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق